لمشاهدة المزيد من دراسات الكتاب المقدس باللغة العربية ، انقر هنا.
4. Jesus Turns Water Into Wine
4. يسوع يحوّل الماء إلى خمر
يوحنا 2
سؤال للتفكير: هل تمّ يومًا اتهامك زورًا؟ وهل تمّ ذلك من خلال أهلك أو أشقائك أو أحد أساتذتك؟ شارك قصتك.
وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ.
وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ.
وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ».
قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ».
قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ».
وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً.
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا.
فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ
وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!».
هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يوحنا1:2-11).
لم تكن حياة مريم أم يسوع سهلة. ودعونا نستذكر ماذا جرى معها وكيف أثّرت عليها ولادة يسوع وغيّرت حياتها بالكلّية. لا بدّ أنها اصطبغت بصبغة ما منذ تلك الحادثة رافقتها كل تلك السنين التي ناهزت عن الثلاثين. وكان في تلك الأيام إن وُجدت امرأة حبلى خارج إطار الزواج كانت تُرجم. ولذلك لم يعيّرها يوسف علانية، لكن لا بد أنه كان من الصعب عليه استيعاب الأمر. كيف يمكن أن تحبل مريم من دون أن تعرف رجلا؟ لا بد أن أفراد العائلة والمقرّبين تداولوا هذا السؤال سرًّا فيما بينهم. واتُهمت زورًا بالزنى الذي كان خطية مميتة لأية فتاة يهودية. وكان الملاك قد أعلم يوسف عن حبل مريم العجائبي، لكنها تحمّلت العار على حد سواءن لأنه من يستطيع أن يصدّق قصة كهذه من دون وحي إلهي؟ وكيف كان بإمكانها التفسير لأفراد عائلتها أنها كانت ما تزال عذراء عند ولادة يسوع؟
كيف عساها شعرت عندما قتل هيرودوس كل صبي تحت سن الثانية في بيت لحم؟ الا تظن أنها هلعت بأن يُقتل ابنها إن عُرف أنه المسيا المنتظر؟ يشير انجيل يوحنا بأنّ يوسف أوحي إليه عن نوايا هيرودس بالقتل وبأن عليه أن يهرب بالطفل يسوع ومريم إلى مصر لفترة من الزمن (متى13:2). وعندما رجعا إلى الناصرة حاولا اتباع حياة هادئة طبيعية وإخفاء الأمر بأنها كانت عذراء عند ولادة يسوع. وبعد ولادته في بيت لحم ورحلته إلى مصر، كبر يسوع في الناصرة ترافقه الصبغة التي التصقت بوالدته. ويبدو أنّ الفريسيين والقادة اليهود الذين كنّوا له الكراهية أرسلوا جواسيسهم ليتحروا تفاصيل ولادته. وقد لمّحوا مرّة بأنه ابن غير شرعي. "فَقَالُوا لَهُ:«إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ" (يوحنا41:8) وعندما كانوا يتكلّمون مع الأعمى الذي شفاه يسوع، قالوا عن المسيح: وَقَالُوا لَهُ:«أَعْطِ مَجْدًا ِللهِ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ خَاطِئٌ» أثق أن مريم كانت تتوق لتبيان حقيقة من يكون يسوع ولكي تظهر براءتها بالتمام. وعندما ودّع يسوع عائلته في الناصرة في طريقه ليعتمد من يوحنا، لا بد أن مريم شعرت أن إظهار براءتها قد أتى.
وجرت حادثة العرس في بيت نثنائيل في قانا الجليل التي تبعد ما يقارب العشرة أميال عن الناصرة مدينة سكن مريم ويسوع. وبما أن مريم ويسوع وتلاميذه كانوا مدعوّين فلا بدّ أن المحتفى به كان من الأقارب أو الأصحاب المقرّبين. ويبدو أن يوسف كان قد توفّي بعد أن قارب يسوع الثانية عشر من عمره حين نقرأ عن وجوده مع مريم ويسوع (لوقا41:2-51). ومن المرجّح أن المسؤوليات المادية وقعت على عاتق يسوع كالابن الأكبر بعد وفاة يوسف إلا أن كبر أخوته. ونقرأ أنه كان مريم أنجبت بعد يسوع أربعة صبيان وعلى الأقّل ابنتين، وأن يسوع كان معروفًا بابن النجار (متى 54:13-57). ولا نعلم من كان المسؤول عن ترتيبات العرس في قانا، لكن من المنطقي الترجيح بأن مريم شعرت بنوع من المسؤولية والإهتمام لأنها هي التي أُخبرت أنّ الخمر قد نفذ وليس رئيس المتكأ الذي لا بد أنه لم يعلم بالمشكلة التي حلّت كما نرى لاحقًا بأنه لم يكن عالمًا بأمر تحويل الماء إلى خمر (ع 9). يمكننا الإستنتاج إذُا أن العرس لا بد كان لأحد المقرّبين أو الأصدقاء أو أشقاء يسوع بسبب إلتجاء الخدم إلى مريم.
وماتزال تحتل الضيافة مكانة رفيعة في الشرق الأوسط كما في السابق. وفي تلك الحضارة يتكفّل العريس بمصاريف العرس، ويمكن للعائلة أن تُقاضى إن لم يكن الإحتفال على أكمل وجه. وكانو الناس يحتسون الخمرة لأنّه أنظف وأنقى من الماء بسبب عملية التخمير؛ فلا يمكن لأحد التكّهن ما يمكن أن يلوّث ينابيع المياه. وكان الخمر عنصرًا أساسيًا في احتفالات أعراس منطقة الشرق الأوسط. ويقول الكتاب المقدّس: "... وَخَمْرٍ تُفَرِّحُ قَلْبَ الإِنْسَانِ" (مزمور15:104). وكان الخمر في العهد القديم يشير إلى الفرح؛ وكان معلّمو الدين يتداولون القول القائل:"لا فرح من دون خمر." لكن لم يكن مقبولاً السكر من جراء شرب الخمر؛ وكان القوي منه يخفّف بالماء. إلاّ أنّه يبقى محور الإحتفالات والعشاءات في محيط البحر الأبيض المتوسّط والشرق الأوسط. أذكر أنه خلال رحلتي التبشيرية إلى فرنسا واسبانيا والبرتغال دعاني قسيس لتناول العشاء معه، وعندما رفضت شرب الخمر أخبرني أنه من المستغرب في حضارتهم عدم شرب الخمر مع العشاء. فالخمر هو دليل الفرح الذي نشترك به مع الأصحاب.
ونفاد الخمر خلال العرس في قانا الجليل له دلالاته. وكأن بمريم تقول:"لقد نفد فرحهم." ويمكن للحياة أن تتحوّل إلى روتين يومي ممل؛ بغياب الفرح والاضمحلال الأمل ."إِنْ كَلَّ الْحَدِيدُ وَلَمْ يُسَنِّنْ هُوَ حَدَّهُ، فَلْيَزِدِ الْقُوَّةَ..."(سفر الجامعة10:10). تصبح حياتنا مملّة بسبب ضغط العمل، وتنشف طاقتنا عندما لا يكون مكان للفرح واللعب في حياتنا. وكثير من الناس يفتشون عن السعادة بالسعي نحو النجاح، لكني لم أسمع مطلقًا إنسانًا على فراش المرض يقول: "أتمنى لو قضيت وقتًا أطول في المكتب." وتواجه آخرين تحديات مادية تدفعهم للعمل أكثر والإقتطاع من وقت التسلية الذي لا يكلّف شيئا كالإستمتاع بعلاقة مقرّبة مع الأهل والأصدقاء (إن لم تكن لديك عائلة وأصدقاء بالقرب منك، حاول أن تبني مجموعة صغيرة من الأصدقاء من حولك!). إفتح بيتك للآخرين، ودع فرح الرب يكون قوّتك بأن تحيا حياة تتضمّن الفرح الذي يهبه الأصدقاء والعائلة:
"أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالَوْا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْرًا وَلَبَنًا." (إشعياء1:55، التشديد مضاف).
لا نتكلم هنا عن الخمر المادي؛ بل عن شراء خمر الفرح دون مال ومن دون أية تكلفة. كيف نشتريه؟ من دون مال. ما علينا سوى أنت نتقدّم إلى نبع الماء الحي؛ الكرمة الحقيقية (يوحنا1:15) الرب يسوع المسيح ونغرف منه. نقوم بذلك حين نصرف الوقت بقراء كلمته الكتاب المقدّس وتخصيص وقت للصلاة الفردية. تتم العملية حين نقدّم فقرنا واعوازنا ونضع كل شيء بين يديه فنحصل على الحياة الفيّاضة التي وعدنا بها. ألا يبدو ذلك مبادلة تجارية جيدة؟ ولن تجد مبادلة تجارية ممتازة كهذه في أسوق الأسهم. علينا أن نتنبّه أن البيع والشراء بحكمة في هذه الحياة يتضمّن أكثر من تكريس أنفسنا لأمر معين بل أن نبادل مواردنا المحدودة بغنى موارده غير المحدودة. وهو قد وعدنا بحياة أفضل (يوحنا 10:10).
فكّر بمرحلة ما كانت ممتعة في حياتك؟ ما الذي جعلها كذلك؟ شاركوا هذه الذكريات مع بعضكم البعض.
أمتع الأوقات بالنسبة إلي هي عندما أكون بعلاقة مقرّبة مع الآخرين ومع الله. ومن الأمور المفضلة لدي هي الجلوس مع الأصدقاء حول مائدة الطعام. فالإحتفالات مع الأصدقاء هي الذكريات المحببة لمعظم الناس. وبالعودة لعرس قانا الجليل، لا بد أن مشكلة نفاد كمية الخمر سببت الخيبة للكثير من المحتفين. وكان لا بد من إيجاد حل. أخذت مريم المبادرة وتوجّهت إلى يسوع قائلة: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ».
ماذا برأيك كانت تتوقّع مريم من يسوع؟
هل علمت مريم كيف بإمكان يسوع حل هذه المشكلة؟ تذكّر أن هذه كانت المعجزة الأولى التي قام بها كما نقرأ في عدد 11، فلا نعلم إن كانت تتوقّع منه أية معجزة أو أنها لجأت إليه للمعونة متأملة أن يكون لديه إجابة عمّا يحدث. ربما توقّعت منه أن يقدّم تبريرًا لائقًا للحاضرين. ومن الممكن أنها توقّعت من يسوع أن يقدّم خطاب من نوع أو آخر ليلهي الناس عن الشراب حتى يؤمّن العريس الخمر.
مع أنّ هذه كانت أولى العجائب التي قام بها يسوع، إلا أنّ قوّته المعجزية ظهرت عندما اعتمد على يد يوحنا المعمدان وظهر الروح القدس عليه بشكل حمامة يخبرنا متى أنّ يسوع امتلأ من الروح القدس بعدما اعتمد في نهر الأردن (لوقا1:4و14). لكن حتى تلك اللحظة، لم تكن مريم تدرك مقدرة يسوع إذ يخبرنا الكتاب المقدس أنّها لم تكن قد شهدت أية معجزة. وعند عودته إلى مسقط رأسه الناصرة بعد المعمودية وبدئه بالتعليم وابراء المرضى، كانت ردّة فعل الناس بأن تساءلوا قائلين:"... مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟" (مرقس 2:6). شهدوا بأنه كان ساكنًا معهم كل هذه المدّة ولم يسمعوا قط أنه قام بأية معجزة. وعلينا أن نتذكّر أنه بالنسبة للناس في مسقط رأسه كان يسوع مجرّد ابن النجّار. لكن مريم حفظت في قلبها طوال هذه المدّة من يكون بالحقيقة وهي علمت أنّه المسيّا. ربما تساءلت خلال ذلك العرس أنّه ربما أتت الساعة لتظهر هذه الحقيقة على الآخرين. وكانت واثقة بأنّ يسوع كان يستطيع بالفعل أن يحل هذه المشكلة وأكثر. لكن تبدو إجابة يسوع في البداية سلبية: "قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ»."(ع4).
ماذا كان يسوع يعني بعبارة: "لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ."؟
لم يأتِ يسوع ليتمجّد هو بل ليتمجّد الآب وكان هدفه بأن يقدّم حياته ليفدي الإنسان. وقد ركّز على مهمته، وعلم أنّه إذا تم التركيز عليه لن يتبقّى لديه الوقت الكافي لإتمامها. كما أنه علم أنه سوف يلفت انتباه القادة الدينيين وعلم ما ستكون ردة فعلهم. علم يسوع أن مهمته تتم عندما يبذل نفسه إذ كانت هناك طريقة واحدة لإنقاذ الإنسان من عبودية الخطيّة وهي بأن يموت البديل مكان الإنسان. ولا يمكن لذلك البديل بأن يكون انسانًا:
"الأَخُ لَنْ يَفْدِيَ الإِنْسَانَ فِدَاءً، وَلاَ يُعْطِيَ اللهَ كَفَّارَةً عَنْهُ.
وَكَرِيمَةٌ هِيَ فِدْيَةُ نُفُوسِهِمْ، فَغَلِقَتْ إِلَى الدَّهْرِ.
حَتَّى يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ فَلاَ يَرَى الْقَبْرَ." (مزمور7:49-9).
الله وحده القادر أن يخلّص الإنسان إذ أن أي إنسان لا يستطيع أن يدفع الفدية. لذلك تدخّل الله وتجسّد لكي يتمجّد الله وحده. وما يعيد إلينا الفرح الحقيقي هي العلاقة الصحيحة مع الله التي يهبنا إياها يسوع فقط ــــ ويسوع هو الله المتجسّد. لقد أعدّ لنا طريق الخلاص إذ حمل قصاص الخطية العادل أي الموت! وكل ما عمله يسوع من تعاليم ومعجزات كان يهدف إلى موته البديلي عنا والتضحية الكاملة بنفسه. وعندما كان أحد الشعانين، بضعة أيام قبل الصلب أتت إليه مجموعة من اليونانيين فقال لهم يسوع إنّ وقته قد أتى:
وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلاً:«قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.
مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ.
اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ
أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ:«مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». (يوحنا23:12-28، التشديد مضاف).
أراد يسوع أن يقول لهم بأنّه أتى لهذا الهدف عينه ليموت عن الإنسان الخاطىء؛ عنك وعني. والله يتمجّد أكثر عندما "نقع في الأرض ونموت عن ذواتنا." وهذا يعني أن نحمل صليبنا ونتبعه. وإن كنا نموت عن ذواتنا فسنحصد ثمرًا أكثر. ماذا يحصل للبذرة عندما تُدفن في الأرض؟ تنفتح القشرة الخارجية وتبدأ الحياة التي بداخل البذرة بالظهور. لقد أتت ساعة يسوع وهو قدّم نفسه طوعًا لكي يدفع فدية خطايانا (يوحنا30:7؛ 20:8؛ 1:13؛ 1:17).
إلى من تلتجىء عندما تواجهك مشكلة ما؟
يلتجىء البعض إلى بطاقة الإئتمان، أو إلى ذكائهم أو قوّتهم ومواهبهم. ويلتجىء البعض إلى مريم، لكن ما هو التعليم الوحيد المدوّن لمريم؟ «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». (ع5). فبالنسبة لمريم علينا علينا أن نلتجىء إلى الله ونبحث عن فكره بالنسبة لأيّة مشكلة تواجهنا.
رأى يسوع ست أجران ماء كانت تُستخدم في المناسبات لغسل الأيدي والأرجل، وكانت تسع كلّ منها حوالي العشرين أو الثلاثين غالونًا. فطلب من الخدّام أن يملأوا الأجران ماء ويقدموا المشروب لسيّد المتكأ. لا بدّ أنهم تعجّبوا فكيف عساه يقدّم للضيوف الماء المخصص للإغتسال؟ تخيّل دهشة كل خادم ملأ الأجران ماء من الينبوع. عندما سكب نزل منه ليس مجرّد خمر جيّد بل خمر مميّز! اندهش رئيس المتكأ من نوعيّة الخمر وقال للعريس: ":«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!».
لماذا يرأيك حوّل يسوع الماء إلى خمر فائق الجودة؟
شهد مرقس قائلاً إن يسوع: "... عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا!" (مرقس37:7). ولما لا يفعل ذلك خصوصًا وأنّ العروسين سوف يتذكران ذلك اليوم دائمًا ويخبران قصّة عرسهما طيلة أيّامهما؟ يروق لي التفكير بأن مريم كأي أم يهودية فخورة جالت بين المدعوّين تقول مبتسمةً: "هذا ابني!" ألا تظنّون أن مريم رجعت إلى البيت في ذلك اليوم معتزّة وفخورة بابنها؟ يخبرنا الكتاب المقدّس بأن يسوع أظهر مجده وأن تلاميذه آمنوا به بسبب تلك المعجزة الأولى.
يسوع يطهّر الهيكل
وَبَعْدَ هذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتَلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّامًا لَيْسَتْ كَثِيرَةً
وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيبًا، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ،
وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَرًا وَغَنَمًا وَحَمَامًا، وَالصَّيَارِفَ جُلُوسًا.
فَصَنَعَ سَوْطًا مِنْ حِبَال وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ.
وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ:«ارْفَعُوا هذِهِ مِنْ ههُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ!».
فَتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».
فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالوُا لَهُ:«أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟»
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ».
فَقَالَ الْيَهُودُ:«فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟»
وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ.
فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ.
وَلَمَّا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ كَثِيرُونَ بِاسْمِهِ، إِذْ رَأَوْا الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَ.
لكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ. (يوحنا12:2-24)
ما الأمور التي تلفت انتباهك في هذا النص؟
ذكر المؤرّخ اليهودي يوسيفوس أنّه خلال احتفال عيد الفصح السنوي كان أكثر من مليوني ونصف نسمة يؤمّون شوارع مدينة أورشليم خلال هذه المناسبة المهمة إذ يتذكّرون خروج بني اسرائيل من أرض مصر بقيادة موسى. تخيّل أنك واحدٌ من هؤلاء الحجاج وقد ادخرت المبلغ طوال السنة لكي تزور إله إسرائيل في هيكله في أورشليم. كان الناس يسافرون برًّا أو بحرًا لأسابيع طويلة ليصلوا إلى ذلك المبنى الرائع الذي بناه الملك هيرودوس على جبل الموريّا حيث امتحن الرب ابراهيم وطلب منه تقديم ابنه اسحق. وكباقي الحجاج كنت تتوق لإختبار حضور الله والتمتّع بسلامه وبالهدوء والصلاة. ومجرّد التفكير بتاريخ ذلك المكان يدعو للرهبة: فكلٌ من داود الملك وابنه سليمان وحزقيا ونحميا عاشوا ومشوا هنا حثن يمشي الآخرون الآن. وقد زارت ذلك الصرح الديني أجيال متتابعة. لقد زرت زرت جبل الزيتون عدّة مرّات وشعرت بالرهبة بينما نظرت إلى تلك إلى الحجارة القديمة في الحائط المتبقي والتي يعود عمرها إلى بناء هيكل سليمان ويصل وزنها إلى ما يقارب المائتي طونا. إنه مشهد رائع بكل ما للكلمة من معنى. وبينما تصعد السلالم إلى الهيكل على الجبل تشعر بحضور الله بالرغم من أنّ الهيكل ليس بموجود بعد إذ قد بُنِي مكانه قبّة صخرة المسلمين.
بينما مشى يسوع وسط باحة الأمم في الهيكل، اضطرب قلبه إذ نظر ما يحصل من حوله. فقد استُغلت تلك الباحة من قبل الصيارفة والتجار الذي كان حنانيا وقيافا رئيس الكهنة قد وظفاهم. فإن كنت أمميًا (غير يهودي) كانت تلك الباحة أقرب نقطة يمكنك دخولها من الهيكل لإختبار حضور الله. ولم يُسمح للأمميين التقدّم إلى الداخل. غضب يسوع عندما رأى الطيور والحيوانت تُباع وتُشترى بأسعار خيالية لتملأ الأموال جيوب حنانيا وقيافا. لقد تحوّل الهيكل إلى سوق تجاري! وكان إذ يجلب الفقراء معهم خرافهم التي لا عيب فيها لتُقدّم كذبيحة، تُفحص ولا يُسمح دخولها ليس لأي سبب إلا لأنّ حنانيا يريد أن يبيعهم خرافه. لقد كان أنشأ حنانيا وقيافًا تجارة مربحة في مكان العبادة. وكان ثمن الخروع المُباع في الهيكل أغلى بخمسة عشر ضعف من الخروف المُباع في الخارج. وسيطر حنانيا على هذا الوضع وكان يدير تلك التجارة التي احتكرت الفقراء. وكان على الزوّار من أنحاء العالم دفع ضريبة الهيكل أيضًا المرهقة وغير الشرعية. وكان الأمر محزنًا لكل من يعي كيف كان الناس يُعاملون باسم الله.
حان وقت المواجهة إذ اقترب يسوع من الهيكل! وواجه يسوع لوحده رئيس الكهنة وعائلته والمسؤولين الآخرين الفاسدين الذين كانوا يديرون تلك التجارة التي أغضبت قلب الله.
انفجرت غيرته على اسم الله ومجده في غضب مضبوط تجاه وقاحتهم وطمعهم. تخيّل المشهد! الأموال تتدفق من كل صوب، والناس يتراكضون لكي يجمعوا ما يمكنهم من الطاولات المقلوبة، وافواج الحمام تطير حرّة في كل ناحية بدل ان تُباع بأرباح غير شريفة. إنها صورة لجلبة داخل باحة الأمم. أيمكنك أن تتخيّل غضب رؤساء اليهود إذ تحدّاهم شخص اعتبروه ابنًا غير شرعي من الناصرة؟ لربما اتجهت أفكارهم نحو العنف بسبب من تحدى أعمالهم. ولا بد انهم تساءلوا: "من أين له السلطان أن يتصرّف بهذه الطريقة؟" "من أي له الحق بأن يقول لنا بأنّه لا يمكننا بيع الأغراض في أرجاء الهيكل؟" ولا بدّ أن يسوع علم أنّ تصرّفه لن يكسبه أي أصدقاء أو قبول في باحات الهيكل. لقد أظهر تصرّفه الشجاع غيرته وشغفه لبيت أبيه. ونجده مجدّدًا متميّزًا في رسالته بأن يمجّد الآب.
يتم استخدام الدين كسلعة تجارية في أيامنا هذه. ما رأيك بأن تتحوّل أمور الله إلى مكسب مادي؟ ما الخطر الذي تراه يتأتّى من تلك الممارسات؟
لقد أظهر يسوع محبة واهتمام بالفقراء والمعدومين والمهمّشين في المجتمع. فهل نحن كممثلين عن المسيح نظهر الإهتمام نفسه لأمثال هؤلاء؟ للأسف فنحن نتأثر بالمجتمع من حولنا أكثر من المسيح الذي في داخلنا. ولا نرى دائمًا الظلم الذي يُمارس أو الفرص التي تسنح لنا بتسديد احتياجات أمام ناظرينا. وربما لم يلاحظ معاصرو يسوع الظلم الذي يُمارس في الهيكل. فقد نعتاد الخطيّة عندما نعيش في وسطها. لكن عندما يدخل الله على الخط يُظهر ما يُعمل في السر؛ ربما أمور أصبحت مقبولة ومحتملة. لكن يأتي يوم حين لا يعود يحتملها. يقول الكتاب المقدّس إنّ الدينونة تبدأ أولاً في بيت الله (ابط17:4). فهو المدافع عن الضعفاء، وسيدين بالعدل في يوم الرب.
أية أمور لله تغار عليه وتريد بأن تحميها وتدافع عنها؟ ما الأمور التي ممكن ليسوع أن يغيرها في الكنيسة الغربية كما هي عليه الآن إن كان سيظهر فجأة كما فعل في هذا النص؟
عندما طلب اليهود آية من يسوع ليبرهن عن سلطته بأن يطرد الباعة والصيارفة أجاب قائلاً: "انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ" (يوحنا 19:2). بالطبع لم يكن يتكلّم عن الهيكل بل عن جسده هيكل الروح القدس. وجسدنا كمؤمنين هو هيكل للروح القدس. فقد كتب بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس قائلاُ:
أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ (1كورنثوس19:6-20)
يريد الروح القدس ان يطرد من هيكله كل ما يفسد ويمنع السلام في حياة الإنسان. وإنّه الوقت لدعوة الرب يسوع بروحه إلى داخل هيكلك فيطرد كل ما لا يُسرّ به. ربما لن نكون واعيين لأمور اعتدنا عليها وتغضب الله. لكن عمل الروح القدس هو أن ينبهنا إلى تلك النواحي التي يريدنا الله أن نغيّرها. اصرف بعض الوقت بالتفكير بالأشياء التي يمكن لله أن ينظفها من حياتك لكي يطلقك إلى حرّية روحية أكبر.
صلاة: أيها الآب، لا أستطيع أن أفكّر بأية مَهمّة أعظم من أن أنشغل بما تعمله أنت. أشكرك لأنّك وضعتني ضمن أهدافك، وأعطيتني الطريق لأقترب منك. إن كان هناك أي أمر يحزنك في حياتي أظهره لي الآن. أريد أن أتخلّص من أي شيء يعيقني من أن أتمّم ما حضّرته لي. أشكرك لأنك تمدّني بالقوّة والفرح إذ أقرّر أن أتبعك.
Pastor Keith Thomas
Website: www.groupbiblestudy.com
Email: keiththomas7@gmail.com